روائع مختارة | قطوف إيمانية | أسباب النزول | من أسباب النزول.. سورة المائدة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أسباب النزول > من أسباب النزول.. سورة المائدة


  من أسباب النزول.. سورة المائدة
     عدد مرات المشاهدة: 9760        عدد مرات الإرسال: 0

قوله تعالى (لا تُحِلّوا شَعائِرَ اللهِ) الآية.

قال ابن عباس: نزلت في الخطيم واسمه شريح بن ضبيع الكندي أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اليمامة إلى المدينة فخلف خيله خارج المدينة ودخل وحده على النبي عليه الصلاة والسلام.

فقال: إلام تدعو الناس قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فقال: حسن إلا أن لي أمراء لا نقطع أمرًا دونهم ولعلي أسلم وآتي بهم.

وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان ثم خرج من عنده فلما خرج قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: لقد دخل بوجه كافر.

وخرج بعقبى غادر وما الرجل مسلم فمر بسرح المدينة فاستاقه فطلبوه فعجزوا عنه فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام القضية سمع تلبية حجاج اليمامة.

فقال لأصحابه: هذا الخطيم وأصحابه وكان قد قلد هديًا من سرح المدينة وأهدى إلى الكعبة فلما توجهوا في طلبه أنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَذينَ آَمَنوا لا تُحِلّوا شَعائِرَ اللهِ) يريد ما أشعر لله وإن كانوا على غير دين الإسلام.

وقال زيد بن أسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بالحديبية حين صدهم المشركون عن البيت وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم ناس من المشركين يريدون العمرة فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

نصد هؤلاء كما صدنا أصحابهم فأنزل الله تعالى (لا تُحِلّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَهرَ الحَرامَ وَلا الهَديَ وَلا القَلائِدَ وَلا آَمّينَ البَيتَ الحَرامَ) أي ولا تعتدوا على هؤلاء العمار إن صدكم أصحابهم.

قوله تعالى (اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم) الآية. نزلت هذه الآية يوم الجمعة وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر والنبي صلى الله عليه وسلم بعرفات على ناقته العضباء.

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا جعفر بن عون قال: أخبرني أبو عميس عن قيس بن حاتم عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا.

فقال: أي آية هي قال (اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي) فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشية يوم عرفة في يوم عرفة في يوم جمعة.

رواه البخاري عن الحسن بن صباح. ورواه مسلم عن عبد بن حميد كلاهما عن جعفر بن أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشاذياخي قال: أخبرنا ناقد بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا أبو قتيبة قال: حدثنا حماد عن عباد بن أبي عمار.

قال: قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي (اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الِإسلامَ دينًا) فقال اليهودي: لو نزلت هذه علينا في يوم لاتخذناه عيدًا فقال ابن عباس: فإنها نزلت في عيدين اتفقا في يوم واحد يوم جمعة وافق يوم عرفة.

قوله (يَسأَلونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُم) الآية. أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثني ابن أبي زائدة عن موسى بن عبيدة عن أبان بن صالح عن القعقاع بن الحكيم عن سلمى أم رافع عن أبي رافع قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب فقال الناس: يا رسول الله ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فأنزل الله تعالى هذه الآية وهي

(يَسأَلونَكَ ماذا أُحلَِّ لَهُم قُل أُحِلَّ لَكُمُ الطَيِّباتُ وَما عَلَمتُم مِّنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبينَ) رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي بكرة بن بالويه عن محمد بن سادان عن يعلى بن منصور عن ابن زائدة. وذكر المفسرون شرح هذه القصة قالوا: قال أبو رافع جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستأذن عليه فأذن له.

فلم يدخل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد أذنا لك يا رسول الله فقال: أجل يا رسول الله ولكنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو قال أبو رافع: فأمرني أن لا أدع كلبًا بالمدينة إلا قتلته حتى بلغت العوالي فإذا امرأة عندها كلب يحرسها فرحمتها.

فتركته فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأمرني بقتله فرجعت إلى الكلب فقتلته فلما أمر رسول الله بقتل الكلاب جاء ناس فقالوا: يا رسول الله ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي تقتلها فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية.

فلما نزلت أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها ونهى عن إمساك ما لا نفع فيه منها وأمر بقتل الكلب الكلب والعقور وما يضر ويؤذي ودفع القتل عما سواهما وما لا ضرر فيه.

وقال سعيد بن جبير: نزلت هذه الآية في عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين وهو زيد الخيل الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير فقالا: يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فإن كلاب آل درع وآل حورية تأخذ البقر والحمر والظباء والضب فمنه ما يدرك ذكاته.

ومنه ما يقتل فلا يدرك ذكاته وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها فنزلت (يَسأَلونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُم قُل أُحِلَّ لَكُم الطَيِّباتُ) يعني الذبائح (وَما عَلَّمتُم مِّنَ الجَوارِحِ) يعني وصيد ما علمتم من الجوارح وهي الكواسب من الكلاب وسباع الطير.

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا اُذكُروا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذ هَمَّ قَومٌ أَن يَبسُطوا إِلَيكُم أَيدِيَهُم) الآية. أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر المؤذن.

قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا أبو لبابة محمد بن المهدي الميهني قال: حدثنا عمار بن الحسن قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن عمر بن عبيد عن الحسن البصري عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رجلًا من محارب يقال له غورث بن الحرث قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمدًا قالوا: نعم وكيف تقتله.

قال: أفتك به قال: فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيفه في حجره فقال: يا محمد أنظر إلى سيفك هذا قال: نعم فأخذه فاستله ثم جعل يهزه ويهم به فكبته الله عز وجل ثم قال: يا محمد ما تخافني قال: لا قال: ألا تخافني وفي يدي السيف قال: يمنعني الله منك ثم أغمد السيف ورده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (اُذكُروا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذ هَمَّ قَومٌ أَن يَبسُطوا إِلَيكُم أَيدِيَهُم).

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الثعلبي قال: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل منزلًا وتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها فعلق النبي صلى الله عليه وسلم سلاحه على شجرة.

فجاء عرابي إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل عليه فقال: من يمنعك مني قال الله قال ذلك الأعرابي مرتين أو ثلاثًا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول الله فشام الأعرابي السيف فدعا النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه.

وقال مجاهد والكلبي وعكرمة: قتل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من بني سلم وبين النبي عليه الصلاة والسلام وبين قومهما موادعة فجاء قومهما يطلبون الدية فأتى النبي عليه الصلاة والسلام ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم أجمعين فدخلوا على كعب بن الأشرف.

وبني النضير يستعينهم في عقلهما فقالوا: يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا فجلس هو وأصحابه فجاء بعضهم ببعض وقالوا: إنكم لم تجدوا محمدًا أقرب منه الآن فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه فقال عمر بن جحاش بن كعب أنا فجاء إلى رحا عظيمة ليطرحها عليه فأمسك الله تعالى يده وجاء جبريل عليه السلام وأخبره بذلك فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله تعالى (إِنَّما جَزَاءُ الَّذينَ يُحارِبونَ اللهَ وَرَسولَهُ) أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي قال: حدثنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن رهطًا من عكل وعرينة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف فاستوخمنا المدينة فأمر لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام بذود أن يخرجوا فيها فليشربوا من ألبانها وأبوالها فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

واستاقوا الذود فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وثمل أعينهم فتركوا في الحرة حتى ماتوا على حالهم. قال قتادة: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم (إِنَّما جَزَاءُ الَّذينَ يُحارِبونَ اللهَ وَرَسولَهُ وَيَسعَونَ في الأَرضِ فَسادًا) إلى آخر الآية. رواه مسلم عن عبيد الأعلى عن سعيد إلى قول قتادة.

قوله تعالى (وَالسارِقُ وَالسارِقَةُ فَاِقطَعوا أَيدِيَهُما) قال الكلبي: نزلت في طعمة بن أبيرق سارق الدرع وقد مضت قصته.

قوله تعالى (يا أَيُّها الرَسولُ لا يُحزُنكَ الَّذينَ يُسارِعونَ في الكُفرِ) الآيات. حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري إملاء قال: أخبرنا أبو محمد حاجب بن أحمد الطوسي قال: حدثنا محمد بن حماد الأبيوردي قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: مر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيهودي محممًا مجلودًا.

فدعاهم فقال: أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم قالوا: نعم قال: فدعا رجل من غلمانهم فقال: أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم قال: لا ولولا أنك نشدتني لم أخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد فقلنا: تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه فأمر به فرجم فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الرَسولُ لا يَحزُنكَ الَّذينَ يُسارِعونَ في الكُفرِ) إلى قوله (إِن أُوتِيتُم هَذا فَخُذوهُ) يقولون ائتوا محمدًا فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوا به وإن أفتاكم بالرجم (فَاِحذَروا) إلى قوله تعالى (وَمَن لَّم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُم ُالكَافِرونَ).

قال في اليهود إلى قوله (وَمَن لَّم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللهَ فَأَولَئِكَ هُمُ الظَالِمونَ) قال في اليهود إلى قوله (وَمَن لَّم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقونَ) قال في الكفار كلها رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية.

أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق قال: أخبرنا أبو الهيثم أحمد بن محمد بن غوث الكندي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديًا ويهودية.

ثم قال (وَمَن لَّم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرونَ) (وَمَن لَّم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظالِمونَ) (وَمَن لَّم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقونَ) قال: نزلت كلها في الكفار رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.

قوله تعالى (إِنّا أَنزَلنا التَوراةَ فيها هُدىً وَنورٌ) أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري: حدثني رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: زنى رجل من اليهود.

وامرأة قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي مبعوث للتخفيف فإذا أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججناها عند الله وقلنا: فتيا نبي من أنبيائك فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد مع أصحابه.

فقالوا: يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة زنيا فلم يكلمهما حتى أتى بيت مدراسهم فقام على الباب فقال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن قالوا: يحمم ويجبه ويجلد والتجبيه: أن يحمل الزانيان على الحمار ويقابل أقفيتهما.

ويطاف بهما قال: وسكت شاب منهم فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم سكت ألح به في النشدة فقال: اللهم إذ أنشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم فقال النبي عليه الصلاة والسلام: فما أول ما أرخصتم أمر الله عز وجل قال: زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم ثم زنى رجل من سراة الناس فأراد رجمه فاحال قومه دونه.

فقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى يجيء بصاحبكم فيرجمه فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني أحكم بما في التوراة فأمر بهما فرجما. قال الزهري فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم (إِنّا أَنزَلنا التَوراةَ فيها هُدىً وَنورٌ يَحكُمُ بِها النَبِيّونَ الَّذينَ أَسلَموا).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم منهم. قال معمر: أخبرني الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر برجمهما فلما رجما رأيته يجنأ بيده عنها ليقيها الحجارة.

قوله عز وجل (وَأَنِ اِحكُم بَينَهُم بِما أَنزَلَ اللهُ) الآية. قال ابن عباس: إن جماعة من اليهود منهم كعب بن أسيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد عليه الصلاة والسلام لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقالوا: يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم.

وأنا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولن يخالفونا وإن بيننا وبين قوم خصومة ونحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا اليَهودَ وَالنَصارى أَولِياءَ).

قال عطية العوفي: جاء عبادة بن الصامت فقال: يا رسول الله إن لي موالي من اليهود كثير عددهم حاضر نصرهم وإني أبوء إلى الله ورسوله من ولاية اليهود وآوي إلى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي: إني رجل أخاف الدوائر ولا أبرأ من ولاية اليهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الحباب ما تجلب به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه فقال: قد قبلت فأنزل الله تعالى فيهما.

(يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا اليَهودَ وَالنَصارى أَولِياءَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ) إلى قوله تعالى (فَتَرى الَّذينَ في قُلوبِهِم مَّرَضٌ) يعني عبد الله بن أبي (يُسارِعونَ فيهِم) وفي ولايتهم (يَقولونَ نَخشى أَن تُصيبنا دائِرةٌ) الآية.

قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسولُهُ وَالَّذينَ آَمَنوا) قال جابر بن عبد الله: جاء عبد الله بن سلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن قومًا من قريظة والنضير قد هاجرونا وفارقونا وأقسموا أن لا يجالسونا ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل وشكى ما يلقى من اليهود.

فنزلت هذه الآية فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء. ونحو هذا قال الكلبي وزاد أن آخر الآية في علي بن أبي طالب رضوان الله عليه لأنه أعطى خاتمه سائلًا وهو راكع في الصلاة.

أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا الحسين بن محمد عن أبي هريرة قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثنا محمد الأسود عن محمد بن مروان عن محمد السائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه قد آمنوا فقالوا: يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث وإن قومنا لما رأونا آمنا بالله ورسوله وصدقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا فشق ذلك علينا فقال لهم النبي عليه الصلاة والسلام (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسولُهُ وَالَّذينَ آَمَنوا) الآية.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فنظر سائلًا فقال: عل أعطاك أحد شيئًا قال: نعم خاتم من ذهب قال: من أعطاكه قال: ذلك القائم وأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: على أي حال أعطاك قال: أعطاني وهو راكع فكبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ (وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسولَهُ وَالَّذينَ آَمَنوا فَإِنَّ حِزبَ اللهِ هُمُ الغالِبونَ).

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا الَّذينَ اِتَّخَذوا دينَكُم هُزُوًا وَلَعِبًا) قال ابن عباس: كان رفاعة بن زيد وسويد بن الحرث قد أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادونهما فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله تعالى (وَإِذا نادَيتُم إِلى الصَلاةِ اِتَّخَذوها هُزُوًا وَلَعِبًا) قال الكلبي: كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادى إلى الصلاة فقام المسلمون إليها قالت اليهود: قوموا صلوا اركعوا على طريق الاستهزاء والضحك فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قال السدي: نزلت في رجل من نصارى المدينة كان إذا سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله قال: حرق الكاذب فدخل خادمه بنار ذات ليلة وهو نائم وأهله نيام فطارت منها شرارة في البيت فاحترق هو وأهله.

وقال آخرون: إن الكفار لما سمعوا الأذان حضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون على ذلك وقالوا: يا محمد لقد أبدعت شيئًا لم نسمع به فيما مضى من الأمم فإن كنت تدعي النبوة فقد خالفت فيما أحدثت من هذا الأذان الأنبياء من قبلك.

ولو كان في هذا خير كان أولى الناس به الأنبياء والرسل من قبلك فمن أين لك صياح كصياح البعير فما أقبح من صوت ولا أسمج من كفر فأنزل الله تعالى هذه الآية وأنزل (وَمَن أَحسَنُ قَولًا مِّمَّن دَعا إِلى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) الآية.

قوله تعالى (قُل هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثوبَةً عِندَ اللهِ) الآية. قال ابن عباس: أتى نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال: أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل إلى قوله (وَنَحنُ لَهُ مُسلِمون) فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا: والله ما نعلم أهل دين أقل حظًا في الدنيا والآخرة منكم ولا دينًا شرًا من دينكم فأنزل الله تعالى (قُل هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ مَثوبَةً) الآية.

قوله تعالى (يا أُيُّها الرَسولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إِليكَ مِن رَّبِّكَ) قال الحسن: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما بعثني الله تعالى برسالتي ضقت بها ذرعًا وعرفت أن من الناس من يكذبني وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهيب قريشًا واليهود والنصارى فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي قال: أخبرنا محمد بن حمدون بن خالد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الخلوتي قال: حدثنا الحسن بن حماد سجادة قال: حدثنا علي بن عابس عن الأعمش وأبي حجاب عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية (يا أَيُّها الرَسولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

قوله تعالى (وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ الناسِ) قالت عائشة رضي الله عنها: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقلت: يا رسول الله ما شأنك قال: ألا رجل صالح يحرسنا الليلة فقالت: بينما نحن في ذلك سمعت صوت السلاح.

فقال: من هذا قال: سعد وحذيفة جئنا نحرسك فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه ونزلت هذه الآية فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة آدم وقال: انصرفوا يا أيها الناس فَقَد عَصَمَني الله.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: حدثنا إسماعيل بن نجيد قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الخليل بن محمد بن العلاء قال: حدثنا الجماني قال: حدثنا النضر عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس وكان يرسل معه أبو طالب رجالًا من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت عليه هذه الآية (يا أَيُّها الرَسولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ) إلى قوله (وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ الناسِ) قال: فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال: يا عم إن الله تعالى قد عصمني من الجن والإنس.

قوله تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناسِ عَداوَةً لِّلَّذينَ آَمَنوا اليَهودَ) الآيات إلى قوله (وَالَّذينَ كَفَروا وَكَذَبوا) نزلت في النجاشي وأصحابه. قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة يخاف على أصحابه من المشركين فبعث جعفر بن أبي طالب وابن مسعود في رهط من أصحابه إلى النجاشي.

وقال إنه ملك صالح لا يظلم ولا يظلم عنده أحد فاخرجوا إليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجًا فلما وردوا عليه أكرمهم وقال لهم: تعرفون شيئًا مما أنزل عليكم قالوا: نعم قال: اقرءوا فقرءوا وحوله القسيسين والرهبان فكلما قرءوا آية انحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق قال الله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنهُم قِسّيسينَ وَرُهبانًا وَأَنَّهُم لا يَستَكبِرونَ وَإِذا سَمِعوا ما أُنزِلَ إِلى الرَسولِ تَرى أَعيُنَهُم تَفيضُ مِنَ الدَمعِ) الآية.

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدون بن الفضل قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا أبو صالح كاتب الليث قال: حدثني الليث قال: حدثني يونس بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن عروة ابن الزبير وغيرهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري بكتاب معه إلى النجاشي.

فقدم على النجاشي فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه فأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم ثم أمر جعفر أن يقرأ عليهم القرآن فقرأ سورة مريم عليها السلام فآمنوا بالقرآن وأفاضت أعينهم من الدمع وهم الذين أنزل فيهم (وَلَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذينَ آَمَنوا الَّذينَ قالُوا إِنّا نَصارى) إلى قوله (فَاِكتُبنا مَعَ الشاهِدينَ).

وقال آخرون: قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة هو وأصحابه ومعهم سبعون رجلًا بعثهم النجاشي وفدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثياب الصوف اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام وهم بحيرا الراهب وإبرهليه وإدريس وأشرف وتمام وقثم وذر وأيمن فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس إلى آخرها فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآيات.

أخبرنا أحمد بن محمد العدل قال: حدثنا زاهد بن أحمد قال: حدثنا أبو القاسم قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا شريك بن سالم عن سعيد بن جبير في قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنهُم قِسّيسينَ وَرُهبانًا) قال: بعث النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيار أصحابه ثلاثين رجلًا فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس فبكوا فنزلت هذه الآية.

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تُحَرِّموا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُم) أخبرنا أبو عثمان بن أبي عمرو المؤذن قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: أخبرنا إسحاق بن منصور قال: أخبرنا أبو عاصم عن عثمان بن سعد.

قال: أخبرني عكرمة عن ابن عباس أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني إذا أكلت هذا اللحم انتشرت إلى النساء وإني حرمت علي اللحم فنزلت (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تُحَرِّموا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُم) ونزلت (وَكُلوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالًا طَيِّبًا) الآية.

قال المفسرون: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فذكر الناس ووصف القيامة ولم يزدهم على التخويف فرق الناس وبكوا فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون الجمحي وهم أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وأبو ذر الغفاري وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ومعقل بن مضر واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم ولا الودك ويترهبوا ويجبو المذاكير فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم.

فقال: ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا وكذا فقالوا: بلى يا رسول الله وما أردنا إلا الخير فقال: إني لم أومر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقًا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم فمن رغب عن سنتي فليس مني ثم خرج إلى الناس وخطبهم.

فقال: ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ولا رهبانًا فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتها الجهاد واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان.

فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فأولئك بقاياهم في الديارات والصوامع فأنزل الله تعالى هذه الآية فقالوا: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا فأنزل الله تعالى (لا قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِنَّما الخَمرُ) الآية.

أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر المطوعي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: حدثنا أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حسن أبو موسى قال: حدثنا الزبير قال: حدثنا سماك بن حرب قال: حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أتيت على نفر من المهاجرين فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرًا.

وذلك قبل أن يحرم الخمر فأتيتهم في حش والحش: البستان وإذا رأس جزور مشويًا عندهم ودن من خمر فأكلت وشربت معهم وذكرت الأنصار والمهاجرين فقلت: المهاجرون خير من الأنصار فأخذ رجل لحى الرأس فجدع أنفي بذلك فأتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأنزل الله في شأن الخمر (إِنَّما الخَمرُ وَالمَيسرُ) الآية. رواه مسلم عن أبي خيثمة.

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا خالد بن الوليد قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر بن الخطاب قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا فنزلت الآية التي في البقرة (يَسأَلونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ).

فدعى عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا من الخمر بيانًا شافيًا فنزلت الآية التي في النساء (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة ينادي لا يقربن الصلاة سكران فدعى عمر فقرئت عليه.

فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا فنزلت هذه الآية (إِنَّما الخَمرُ وَالمَيسِرُ) فدعى عمر فقرئت عليه فلما بلغ (فَهَل أَنتُم مُّنتَهونَ) قال عمر: انتهينا وكانت تحدث أشياء لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأسباب شرب الخمر قبل تحريمها منها قصة علي بن أبي طالب مع حمزة رضي الله عنهما وهي ما أخبر محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خالد قال: أخبرنا يوسف بن موسى المروزي.

قال: أخبرنا عمر بن صالح قال: أخبرنا عنبسة قال: أخبرنا يوسف عن ابن شهاب قال: أخبرني علي بن الحسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفًا من الخمس.

ولما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلًا صواغًا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي فبينما أنا أجمع لشارفي من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار فإذا أنا بشارفي قد أجبت أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادها فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر قلت: من فعل هذا فقالوا: فعله حمزة وهو في البيت في شرب من الأنصار

أَلا يا حَـمـزُ لِّـلـشَـرفِ الـنَواءِ

وَهُـنَّ مُـعَـقَـلاتٌ بِـالفِـنـاءِ

زَجَ السِكـينُ فـي الـلَّـباتِ مِـنـها

فَـضَـرَجَـهُنَّ حَـمزَةُ بِـالدِمـاءِ

فـأَطـعِـم مِـن شَـرائِحِـها كَـبابًا

مُلَـهـوَجَةً عَـلـى رَهجِ الـصِلاءِ

فَـأَنـتَ أَبـا عَـمـارةٍ الـمُـرَجى

لِـكَـشـفِ الـضُـرِ عَـنا وَالبَلاءِ

فوثب إلى السيف فأجب أسنمتها وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادها قال علي عليه السلام: فانطلقت حتى أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت فقال: مالك فقلت: يا رسول الله ما رأيت كاليوم عدا حمزة على ناقتي وجب أسنمتهما وبقر خواصرهما هو ذا في بيت معه شرب شرب.

قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ثم انطلق يمشي فاتبعت أثره أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي هو فيه فاستأذن فأذن له فإذا هم شرب فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه.

ثم قال: وهل أنتم إلا عبيد أبي فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل فنكص على عقبيه القهقرى فخرج وخرجنا رواه البخاري عن أحمد بن صالح وكانت هذه القصة من الأسباب الموجبة لنزول تحريم الخمر.

قوله تعالى (لَيس عَلى الَّذينَ آَمَنوا وَعَمِلوا الصَالِحاتِ جُناحٌ فيما طَعِموا) الآية. أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن يعمر الحيري قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي عن حماد عن ثابت عن أنس.

قال: كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة وما شرابهم إلا الفضيخ والبسر والتمر وإذا مناد ينادي: إن الخمر قد حرمت قال: فأريقت في سكك المدينة فقال أبو طلحة اخرج فأرقها قال: فأرقتها فقال بعضهم قتل فلان وقتل فلان وهي في بطونهم قال: فأنزل الله تعالى (لَيسَ عَلى الَّذينَ آَمَنوا وَعَمِلوا الصَالِحاتِ جُناحٌ فيما طَعِموا) الآية. رواه مسلم عن أبي الربيع. ورواه البخاري عن أبي نعمان كلاهما عن حماد.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال: حدثنا أبو عمر بن مطر قال: حدثنا أبو خليفة قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال: مات من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر فلما حرمت قال أناس: كيف لأصحابنا ماتوا وهم يشربونها فنزلت هذه الآية (لَيسَ عَلى الَّذينَ آَمَنوا وَعَمِلوا الصَالِحاتِ جُناحٌ فيما طَعِموا) الآية.

قوله تعالى (قُل هَل يَستَوي الَّذينَ يَعلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعلَمونَ) الآية. أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن القاسم المؤدب قال: حدثنا إدريس بن علي الرازي قال: حدثنا يحيى بن الضريس.

قال: حدثنا سفيان عن محمد بن سراقة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حرم عليكم عبادة الأوثان وشرب الخمر والطعن في الأنساب ألا إن الخمر لعن شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها فقام إليه أعرابي.

فقال: يا رسول الله إني كنت رجلًا كانت هذه تجارتي فاقتنيت من بيع الخمر مالًا فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة إن الله لا يقبل إلا الطيب فأنزل الله تعالى تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم (قُل لّا يَستَوي الخَبيثُ وَالطَيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبيثِ).

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَسأَلُوا عَن أَشياءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم) الآية. أخبرنا عمر بن أبي عمر المزكي قال: حدثنا محمد بن مكي قال: حدثنا محمد يوسف قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا الفضل بن سهل قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا أبو جويرية عن ابن عباس قال: كان قوم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم استهزاء فيقول الرجل الذي تضل ناقته:

أين ناقتي فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا أخبرنا أبو سعد المنصوري قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا منصور بن أبي زيد أن الأزدي قال: حدثنا علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبي البحتري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية (وَللهِ عَلى الناسِ حَجُ البَيتِ).

قالوا: يا رسول الله أفي كل عام فسكت ثم قالوا: أفي كل عام فسكت ثم قال في الرابعة: لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَسأَلُوا عَن أَشياءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم).

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذا اِهتَدَيتُم) الآية. قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل هجر وعليهم منذر بن ساوى يدعوهم إلى الإسلام فإن أبوا فليؤدوا الجزية.

فلما أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب واليهود والنصارى والصابئين والمجوس فأقروا بالجزية وكرهوا الإسلام وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف وأما أهل الكتاب والمجوس فأقبل منهم الجزية فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت العرب وأما أهل الكتاب والمجوس فأعطوا الجزية.

فقال منافقو العرب: عجبًا من محمد يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب فلا نراه إلا قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب فأنزل الله تعالى (عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَن ضَلَّ إِذا اِهتَدَيتُم) يعني من ضل من أهل الكتاب.

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا شَهادَةُ بَينِكُم) الآية. أخبرنا أبو سعد ابن أبي بكر الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا الحرث بن شريح قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة.

قال: حدثنا محمد بن القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال: كان تميم الداري وعدي بن زيد يختلفان إلى مكة فصحبهما رجل من قريش من بني سهم فمات بأرض ليس بها أحد من المسلمين فأوصى إليهما بتركته فلما قدما دفعاها إلى أهله وكتما جامًا كان معه من فضة كان مخوصًا بالذهب.

فقالا: لم نره فأتي بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحلفهما بالله ما كتما ولا اطلعا وخلى سبيلهما ثم إن الجام وجد عند قوم من أهل مكة فقالوا: ابتعناه من تميم الداري وعدي بن زيد فقام أولياء السهمي فأخذوا الجام وحلف رجلان منهم بالله إن هذا الجام جام صاحبنا وشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا فنزلت هاتان الآيتان (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا شَهادَةُ بَينِكُم إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ) إلى آخرها.

المصدر: موقع نواحي